روحانية المكان المقدس

روحانية المكان المقدس

حيدر عاشور
سكون روحاني يملأ فضاء الضريح، يكسر حاجز صمته زقزقة العصافير ،وهي تنتظر كل يوم كعادتها اصوات الموالين والعاشقين للشهيد المذبوح ظلما بكل لغات العالم ولا تجيد من لغتهم إلا التوحد في اسمه الكوني البارز، وتضرب الصدر والرأس مشاركة المصاب المخلد.
انتبهت على وضعها والعصافير حولها تزقزق بقوة وكأنها تعقد مجلسا روحيا والباكون اليوم هذه المخلوقات الصغيرة التي تركت البساتين العامرة بالأشجار والخضرة لتأتي الى حرم الشهيد الطاهر ..
تهمس في صمتها: انها  تشاركني حزني اليومي بعد ان قضيت اكثر من اربعين عاما في ضريحه المقدسة، حتى اصبح لي في كل ركن من أركانه رؤيا وحدث وشجن وحزن، وبكاء حتى انقطاع النفس..
مؤكد ان العصافير تعرفني مواظبة على طاعة مولاي الشهيد،وإلا لماذا تؤمن بي وتقترب مني كي اسقيها الماء العذب وأطعمها بقايا خبز مضيفه .. منذ ان كنت صبية فقد علمتني امي كيف اعشق المكان واعرف قدر الامام وعلو شأنه في السموات والأرض ..
هوى جسدها النحيل على سجاد الحرم والعصافير تدور حولها وبين قدميها وتمسك بأطراف عباءتها ..قامت تردد دعائها اليومي : اللهم اجعلني من زوار الامام ،اللهم ارزقني شفاعته ،اللهم لا تحرمني من هذه النعمة ،اللهم اجعلني من خدمة الامام ،وعلا صوت العصافير مع بكاءها ونحيبها،وزادت اعدادها،وأحست بوحشة المكان لأول مرة واستغربت جرأت هذه الكائنات نهضت مستثقلة،وشعرت بالدوار وكأن الحضرة تدور حولها وهي ثابتة في مكانها ،اخذت بالتوسل مولاي انا خادمتك ،بدنها بدأ يرتجف،مدت بصرها الى عمق الحضرة فشعرت انها تهوي الى اعماق الضريح والعصافير ترفع اطراف عباءتها من الجهات الاربعة ترتفع قليلا وتهوي بقوة على الارض تكرر طيرانها مرات عديدة حتى استفاقت على صوت النساء حولها وهن يحاولن مساعدتها على النهوض... فتحت عيناها وهي فاغرة الفم تبحث عن العصافير ولكنها تسمع زقزقتها ،وجهت وجها شطر الحرم لتنطق بملأ فمها لبيك يا مولاي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا المساجد هي المباني الوحيدة الناجية من تسونامي إندونيسيا؟

كيف تختبر محبة الله تعالى والأنس به في نفسك