الحسين (عليه السلام) وارث الأنبياء اضاءات جديدة


زيارة وارث من اشهر الزيارات :


زيارة وارث من أشهر الزيارات التي يُزار بها الإمام الحسين(عليه السلام) ، وقد وردت عن الإمام الصادق(عليه السلام) ، رواها ابن قولويه[1] (ت368هـ) في كتابه (كامل الزيارات) ، وهو من أقدم كتب الزيارة الميسرة في التراث الشيعي . ولم ترد رواية عن الائمة التسعة تحث الشيعة على زيارتهم بالجمل التسع من زيارة وارث التي تذكر الذوات المقدسة التسع الا رواية واحدة ضعيفة السند لم يعمل بها العلماء في زياراتهم للائمة (عليه السلام) .


انحاء وراثة الحسين(عليه السلام) للذوات المقدسة التسعة :


ميراث الحسين(عليه السلام) من الذوات المقدسة المذكورة ومنهم ستة من الانبياء ليس المقصود هو المال ، ليس لان الانبياء لا يورثون فإنها مقولة غير صحيحة[2] ، بل للبعد الزمني بينه وبين ادم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى فضلا عن عدم وجود رابطة نسبية قريبة بينه وبين موسى وعيسى ، بل المقصود هو من الارث هنا هو احد انحاء ثلاثة .


النوع الاول : وراثة مقام الامامة الالهية الذي جعله الله تعالى لنبيه ابراهيم ، وهذه الوارثة كانت بواسطة جده النبي(صلى الله عليه و آله) فقد اورثه الله تعالى دين ابراهيم وامامة ابراهيم ، وهذا النحو من الوراثة ليس خاصا بالحسين(عليه السلام) بل ورثه ابوه واخوه من قبل ثم ورثه التسعة من بنيه من بعده .


النوع الثاني : وراثة كتب الانبياء التي انتهت الى النبي(صلى الله عليه و آله) عن طريق عمه ابي طالب ثم انتقلت منه(صلى الله عليه و آله) الى علي ثم الحسن ثم الحسين(عليه السلام) ثم صارت ميراثا للائمة من ولد الحسين(عليه السلام) . فهذا النوع ايضا ليس خاصا بالحسين(عليه السلام) .


النحو الثالث : وراثة بعض الخصوصيات التكوينية الرسالية التي ميز الله بها بعض انبيائه واصفيائه فجمعها للحسين دون غيره من الاصفياء او من ولده لتكون من خصوصياته بين اصفياء الله جميعا . والوراثة هنا ليست بالوصية كما في حالة وراثة مقام الامامة الالهية ووراثة الكتب ، بل هي وراثة بالتكوين وتوضيح ذلك كما يلي :


الحسين وارث آدم صفوة الله :


اختص الله تعالى آدم من بين الانبياء بأوصياء تسعة من ذريته وجعل تاسعهم نوحا صاحب العمر الطويل اعجوبة الاولين ، ادخره لإهلاك الظالمين منهم في اول الزمان واسكنه الكوفة . وكذلك رزق الحسين(عليه السلام) ، تسع حجج وائمة هدى من ذريته ، تاسعهم المهدي صاحب العمر الطويل واعجوبة الاخرين ادخره الله تعالى لإهلاك المنحرفين على يده في اخر الزمان وقدَّر الله تعالى له ان يسكن الكوفة .


الحسين وارث نوح نبي الله نوح :


اختص الله تعالى نبيه نوحا بين الانبياء بسفينة نجاة اوحى له ان يصنعها من الخشب ؛ ليركبها من شاء ان ينجو من الهلاك بالطوفان وذلك لما اصر قوم نوح على تكذيب نوح وايذائه واصحابه . وضرب النبي(صلى الله عليه و آله) للناس بسفينة نوح مثلا لأهل بيته ليبين دورهم في انقاذ الناس من الضلالات والفتن (مثل اهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوي وغرق) ، وكان نصيب الحسين(عليه السلام) هو ان يكون سفينة النجاة من فتنة بني امية ، حين نهض واعلن رفضه بيعة يزيد بوصفه هو وابوه وابناؤه خلفاء النبي(صلى الله عليه و آله) يقودون المؤمنين الى الله تعالى وان عليا(عليه السلام) ملحد في الدين مفسد تجب البراءة منه ومن شيعته ، وصارت شهادته وظلامته هي السفينة بعينهم اذ تفرض على كل مسلم ان يتبرأ من بني امية ويترحم على الحسين(عليه السلام) ويبكيه كما بكاه جده والانبياء والمسلمون ، ويواليه واباه واخاه بوصفهم ائمة الهدى يقودون الناس الى الله تعالى .


الحسين وارث إبراهيم خليل الله :


اختص الله تعالى ابراهيم من بين الانبياء بان يبني بيتا ، واراه اختبارا له في اول الليالي العشر من ذي الحجة بان يذبح ولده يوم العاشر اضحية له ، واعلن ابراهيم ان ذبيحته ولده وللناس ذبائحهم ، وكان الناس يشهدون من ابراهيم واسماعيل وام اسماعيل تسليما لله تعالى ، ولما كانت ليلة العاشر ونفر ابراهيم من عرفة الى المشعر احياها ابراهيم واهل بيته بالعبادة بشكل خاص والناس يشهدون منهم درجة التسليم المطلق لأمر الله تعالى وعند التنفيذ يوم العاشر عطل الله تعالى قدرة السكين على الذبح وفداه بذبح عظيم نزل من اعلى الجبل والناس يشهدون ، ونزل الوحي بإمامة ابراهيم واسماعيل واقتدى الناس بهما في عبادة الله تعالى واخذوا عنهما مناسك حجهم واحكام دينهم وها هي مكة منذ عهد إبراهيم الى اليوم عامره بالزوار والعباد على طريقة اسماعيل وابراهيم يحيون ليلة العيد بالعبادة كما احياها ابراهيم واهل بيته واصحابه .


وكذلك الحسين(عليه السلام) فان الله تعالى اختصه بوصية عبر جده النبي(صلى الله عليه و آله) بان يخرج في وجه بدع بني امية ويدعو الى احياء سيرة ابيه وجده ، ولكنه سوف يستشهد هو ومن معه من اهل بيته واصحابه ، ولكنه بهذه النهضة والشهادة والظلامة سوف يفتح طريق الهداية الى الله تعالى من جديد ويحفظ دين الله تعالى الذي حرفته بنو امية ، ونهض الحسين(عليه السلام) وحوصر هو واصحابه واهل بيته وأُمِر بالنزول في كربلاء غرة المحرم سنة 61هـ ، واستمر الحصار مدة تسعة ايام ، وتحرك الجيش الاموي يوم التاسع يطلب البيعة والتسليم فطلب الحسين(عليه السلام) ان يمهلوه ليلة ؛ ليخصها بعبادة اكثر وصلاة اكثر وقراءة للقرآن اكثر امتيازا لها عن بقية الليالي التسعة التي مضت ، واحيا ليلة العاشر تلك بالعبادة ، وكان له هو واصحابه دوي بالقرآن كدوي النحل ، وهم ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد ، والناس يشهدون ، ثم نهضوا يوم العاشر ورفضوا ان يبايعوا ليزيد او يسلموا انفسهم فقاتلوا وقتلوا مظلومين وصاروا مجزرين على رمضاء كربلاء جزر الاضاحي ، فجعل الله تعالى قبر الحسين(عليه السلام) منذ ذلك اليوم مزارا للآلاف بل الملايين من الناس يقصدونه للبكاء عليه والصلاة لله عنده مقتدين به فيما صنعه في الايام العشرة وما خصه ليلة العاشر من المحرم بالإحياء الى الفجر بالعبادة ، وقد صار قبر الحسين(عليه السلام) نظير بيت ابراهيم في مكة مثابة للناس وأمنا ، وبهذا كان الحسين(عليه السلام) وارثا لإبراهيم ، وكما ان الذي صنعه ابراهيم كان بأمر الله تعالى وبوحيه كان ما صنعه الحسين(عليه السلام) من النهوض والشهادة بأمر الله عن طريق النبي(صلى الله عليه و آله) ، وكما ان الله تعالى جعل لآل ابراهيم افئدة من الناس تهوي اليهم ، كذلك جعل للحسين واهل بيته افئدة من الناس تهوي اليهم .


الحسين وارث موسى كليم الله :


وقعت حادثة في تاريخ بني اسرائيل زمن موسى لم يذكر الله تعالى لنا نظيرا لها في قصص الانبياء فكانت هذه القصة من خصوصيات موسى الرسالية اختصه الله تعالى بها وهي نهضته باهل بيته والصفوة من اصحابه لمواجهة اصحاب عجل بني اسرائيل الذي صنعه لهم السامري قائلا لهم : هذا الهكم واله موسى ، وانتصر موسى على السامري ونسف العجل واعلن البراءة من السامري الى اخر الدنيا .


وتكررت القصة في امة محمد وظهر عجل بني امية قدمه للمسلمين ابوه على انه خليفة النبي(صلى الله عليه و آله) وطاعته تقربهم الى الله تعالى ومعصيته تبعدهم عن الله ، ونهض الحسين(عليه السلام) بوصية من جده وبأمر من الله تعالى بعشيرته الاقربين والمخلصين من اصحابه وقاتل عجل بني امية يزيد وجيشه ، فقتل الحسين(عليه السلام) واهل بيته وسيقت نساؤه اسرى الى الشام مع راس الحسين(عليه السلام) ورؤوس اصحابه مما نبه الامة من غفلتها وأيقظها من سباتها فصار يزيد موضع لعنة الى اخر الدنيا وهكذا نسف الحسين(عليه السلام) عجل بني أمية بدمه الزكي كما نسف موسى عجل بني اسرائيل بعصاه الآية الكبرى ، وصار الحسين(عليه السلام) بذلك وارثا لموسى من بين الانبياء والاصفياء .


الحسين وارث عيسى روح الله :


قص علينا القرآن ان عيسى لما بعثه الله الى بني اسرائيل وكذبوه في آخر الامر وجه نداءه الى الحواريين وهم اخص اصحابه وهم بقايا اصحاب جده عمران وزكريا ويحيى ، فاستجابوا له واستشهدوا بعده وفتح الله تعالى بهم الطريق اليه ونصرهم على عدوهم واصبحوا ظاهرين وذلك بعد سبعين سنة من رفع المسيح حين سلط الله تعالى الرومان على اليهود ودمروا مسجدهم وقتلوهم وشردوهم وتحرر المسيحيون من اضطهاد اليهود الديني ، كما في قوله تعالى:


﴿فَلَمّا أَحَسَّ عيسى مِنهُمُ الكُفرَ قالَ مَن أَنصاري إِلَى اللهِ قالَ الحَواريّونَ نَحنُ أَنصارُ اللهِ آمَنّا بِاللهِ واشهَد بِأَنّا مُسلِمونَ (52) رَبَّنا آمَنّا بِما أَنزَلتَ واتَّبَعنا الرَّسولَ فاكتُبنا مَعَ الشّاهِدينَ (53) وَ مَكَروا وَمَكَرَ اللهُ واللهُ خَيرُ الماكِرينَ (54) إِذ قالَ اللهُ يا عيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذينَ كَفَروا وَجاعِلُ الَّذينَ اتَّبَعوكَ فَوقَ الَّذينَ كَفَروا إِلى يَومِ القيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرجِعُكُم فاَحكُمُ بَينَكُم فيما كُنتُم فيهِ تَختَلِفونَ (55) فاَمّا الَّذينَ كَفَروا فاُعَذِّبُهُم عَذاباً شَديداً في الدُّنيا والآخِرَةِ وَما لَهُم مِن ناصِرينَ (56) وَ أَمّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصّالِحاتِ فَيوَفّيهِم أُجورَهُم واللهُ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ (57)﴾ آل عمران/52-57 .


وكذلك وجه الحسين(عليه السلام) نداءه الى اصحاب ابيه واخيه وجده يريد قياما لله تعالى فاستجاب له ثلة طيبة واستشهدوا معه وبعده وفتح الله تعالى بهم الطريق اليه حين تفهمت الامة ان طاعة بني امية ليست من الدين في شيء ثم نصرهم على عدوهم وسلط على بني امية بني العباس ، واصبح المؤمنون بالحسين(عليه السلام) واخيه وابيه والتسعة من بنيه ظاهرين في المجتمع ببركة نهضة الحسين(عليه السلام) وشهادته وتمام ذلك بعد سبعين سنة حين سلط الله تعالى على بني امية جيش بني العباس فاسقطوا دولتهم ودمروهم وصار الشيعة ظاهرين في عبادتهم لله تعلى على طريقة علي وزيارة قبر الحسين (عليه السلام) . وهكذا يكون الحسين(عليه السلام) وارثا لنهضة عيسى تكوينيا وشبيها له في حركته مع الحواريين وشهادتهم وانتصار خطهم .


الحسين وارث محمد رسول الله :


نهض النبي محمد المصطفى(صلى الله عليه و آله) في مكة ؛ لإحياء دين جده ابراهيم الذي حرفته قريش المشركة رافعا شعار (لا اله الا الله محمد رسول الله) وربط نفسه بهذا الشعار مصيريا ، قائلا :


(لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على ان اترك هذا الامر ما تركته او اهلك دونه) .


واتفقت قريش على اغتياله سرا فخرج الى بلد انصاره يثرب ، واحست قريش بخروجه في اليوم الثاني فلحقته وادركته في غار جبل ثور واخفى الله تعالى اثره وصرفهم عنه ونجاه منهم ووصل الى المدينة وانطلق منها ينشر دين جده ابراهيم وقد ملأ الدنيا .


ونهض الحسين(عليه السلام) في مكة لإحياء دين جده محمد الذي حرفه حرفته بنو امية ، رافعا شعار :


(لو لم يكن لي في الدنيا ملجا ما بايعت يزيد) .


وقررت السلطة في الشام قتل الحسين(عليه السلام) غيلة في موسم الحج ، ونمي الخبر الى الحسين(عليه السلام) فخرج الى بلد انصاره الكوفة ، ثم حاصرته الجيوش الاموية في العراق وشاء الله تعالى ان يترك الحسين(عليه السلام) لهم ليبدو منه عظيم الجهاد واصعبه وليتضح منه صدق قيامه لله في احرج ظرف خُيّر فيه بين الحياة الذليلة والموت الكريم فاختار الموتة الكريمة شهيدا مظلوما ، وجعل الله تعالى شهادته اوسع لافتة للهداية ، وافتضح بنو امية واحبط الله تعالى خطتهم التي استهدفت تربية النشء الجديد على الاعتقاد بان يزيد واباه معاوية ائمة هدى يقودون الى الله وان عليا(عليه السلام) ملحد في دين الله يجب لعنه والبراءة منه ، وانفتح الناس من جديد على امامة علي(عليه السلام) الهادية عن طريق انتشار احاديث النبي(صلى الله عليه و آله) فيه وفي اهل بيته انتشارا ملأ الدنيا من خلال كتب الحديث عند السنة قبل الشيعة .


وبهذا يكون الحسين(عليه السلام) نظير النبي(صلى الله عليه و آله) في منطلق حركته وشعارها وموقف قريش منها والتخطيط لاغتياله سرا ، والهجرة الى بلد الانصار وتحقق الهدف من النهضة .


الحسين وارث علي امير المؤمنين :


نهض الامام علي(عليه السلام) سنة 28هـ لهداية المؤمنين الى فريضة حج التمتع التي اماتتها قريش المسلمة ، ولولا علي(عليه السلام) لما عرفت الامة حج التمتع الى اليوم وكذلك نهض الحسين(عليه السلام) لهداية الامة الى ممارسة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الفريضة التي اماتتها قريش المسلمة ولولا الحسين(عليه السلام) لما كان في الامة امر بالمعروف ونهي عن المنكر .


الحسين وارث الحسن الرضي :


كان مسوغ صلح الامام الحسن(عليه السلام) مع معاوية هو كسر الطوق الاعلامي الاول الذي طوق به معاوية عليا(عليه السلام) في الشام على انه ملحد في الدين ورباهم على لعنه والبراءة منه ، وفهِم اهل الشام بعد صلح الحسن(عليه السلام) ان عليا(عليه السلام) امام هدى عينه النبي(صلى الله عليه و آله) بأمر الله تعالى من بعده تجب عليهم ولايته والاخذ بسيرته ، وان معاوية كان على باطل في قتاله لعلي(عليه السلام) .


ونهض الحسين(عليه السلام) بعد موت معاوية ؛ لأجل كسر الطوق الاعلامي الثاني الذي طوق به معاوية عليا(عليه السلام) في الجيل الجديد من الامة على أن عليا(عليه السلام) ملحد في الدين ورباهم على لعنة والبراءة منه ، وفهم الجيل الجديد ومن جاء بعده ان عليا(عليه السلام) امام هدى عيّنه النبي(صلى الله عليه و آله) بأمر الله تعالى من بعده تجب عليه ولايته ليهتدوا بهديه والاخذ بسيرته وان معاوية كان على باطل هو وولده يزيد .


وبذلك صار الحسين(عليه السلام) وارث الحسن(عليه السلام) تكوينيا من جهة مسوغ النهضة وهدفها بلحاظ كسر الطوق الاعلامي الاموي عن علي(عليه السلام) .


الحسين وارث الصِّدّيقة فاطمة :


قال النبي(صلى الله عليه و آله) في حق ابنته الزهراء : (فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني) ، وقد اوذيت وعبرت عن اذاها حين ماتت فأوصت ان لا يشهد من ظلمها جنازتها ولا الصلاة عليها فصار اعلانا منها لمقاطعة من ظلمها والبراءة منه ، وكذلك الحسين(عليه السلام) قال النبي(صلى الله عليه و آله) في حقه : (حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسينا) ، وقد كره الامويون الحسين(عليه السلام) وقتلوه شر قتلة فكرههم الله تعالى ولعنهم وصارت ظلامته دليلا على وجوب مقاطعة بني امية والبراءة منهم . وبذلك صار الحسين(عليه السلام) وارثا تكوينيا لظلامة امه والبراءة من الظالمين .


الخاتمة الحسين(عليه السلام) في ضوء زيارة وارث :


بعد هذه المقارنة بين الحسين(عليه السلام) والانبياء يصبح من السهل على القارئ الكريم ان يربط بين النجاح الذي حققته النهضة الحسينية والخصائص الرسالية التسع التي انطوت عليها نهضة الحسين (عليه السلام) .


إن شخصية الحسين(عليه السلام) تجمع بين خصائص رسالية فريدة في آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وعلي والحسن وفاطمة (عليه السلام) وهي حَرية بان تشكل نهضتها مسيرة بارزة متميزة واضحة الشخوص ، والتميز الذي اتسمت به الظاهرة الحسينية من بين الظواهر الرسالية خلال أربعة عشر قرنا انها ظاهرة أنقذت حركة الرسالات في كل ما جاءت به من فكر وهداية وتاريخ ماضٍ ، ومستقبل واعد بعد ان عبثت به يد التحريف والتغييب .


وبسبب هذا الامر جعل الله تعالى قصة الحسين(عليه السلام) مما يخبر به انبياءه من ملاحم مستقبل المسيرة الرسالية وقد بكوه جميعا وتولوه وتبرؤا من قاتله ، وبسب ذلك ايضا رفع الأئمة التسعة من ذرية الحسين(عليه السلام) بوصية من النبي(صلى الله عليه و آله) شعار ظلامة الحسين(عليه السلام) والبكاء عليه بصفته مفتاح الهداية منذ يوم العاشر من المحرم سنة 61هـ ، وحمل هذا الشعار في عصر الغيبة شيعتهم في أعظم مسيرة هادية إلى الله تعالى ، لا يزيدها مرور الأيام الا عمقا واتساعا ، ويتطلع جمهورها إلى التاسع من ذرية الحسين(عليه السلام) وهو المهدي(عليه السلام) الموعود ليحقق طموح الحسين(عليه السلام) واخيه وابيه وجده خاتم الانبياء وطموح المسيرة الابراهيمية ؛ لتملا الأرض معرفة بالله ، وتنزيها لأسمائه الحسنى ، وعبادة له ، وحده لا شريك له و قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .[3]


السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك عليك مني سلام الله أبدا ما بقي الليل والنهار .


السيد سامي البدري / النجف الاشرف / محرم الحرام سنة 1432هـ .


_____________________________

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا المساجد هي المباني الوحيدة الناجية من تسونامي إندونيسيا؟

كيف تختبر محبة الله تعالى والأنس به في نفسك