إرادة السماء تتدخل لبداية عصر جديد

لقد كانت هذه التحولات الكبيـرة إشارة واضحة الى تدخل إرادة السماء في ساحة الصراع بين الخير والشر، والنور والظلام، والحب والكراهية، بعد أن لف ظلام الجهل نور الحقيقة، وسيطر الطغاة على مقاليد الأرض حتى لم يعد الدعاة الى الله تعالى، قادرين على  الصمود أمام هجمات الجاهليين، وحينئذ قررت الإرادة الإلهية، والمشيئة العليا أن ينتصر النور على الظلام، والعلم على الجهـل، بولادة سيد البشر محمد صلى الله عليه وآله.
وهذه الولادة المباركة كانت بمنزلة انطلاقة حضارة السماء التي ستعم الأرض، وهي آخذة بالتقدم والتكامل حتى يظهر ولي الله الأعظم فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
ونحن لو قرأنا التاريخ، ودرسنا فصول الحضارات على وجه الخصوص لرأينا أن الخط البياني لتقدم البشرية قد بدأ لحظة ميلاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وبعثته، صحيح أن كل رسالات السماء كانت تحمل معها وقود الحضارة لتدفع بالبشرية الى الأمام ، الا أن رسالة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، كانت تمثل الحلقة الأخيرة في مسيرة الحضارة البشرية.
واليوم  وبالرغم من مضي أكثر من أربعة عشر قرنا على فقدان الأمة الإسلامية نبيها الأكرم صلى الله عليه وآله، الا أنه مازال الشاهد الحاضر في ضمائر المؤمنين. وبالرغم من أن صورته المباركة غابت عن الأنظار هذه الفترة الطويلة، إلا أن وجهه الشريف مازال يتلألأ إشراقا أمام أنظار المسلمين. وبالرغم من أن نبرات صوته قد فارقت مسامع الناس منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، إلا أن كلماته مازالت تدخل القلوب دون استئذان، وتعيها كل أذن واعية. ولا نبالغ ان قلنا؛ ان كل من يريد ان يعرج في سماء الإيمان، ويسمو في رحاب الفضيلة، ويعلو في مدارج الكمال؛ لامناص له من أن يدنو من شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن يتتلمذ على سيرته، وينهل من ينابيع توجيهاته، ويستلهم من رؤاه وبصائره، وأن يتعلم منه الخير؛ وذلك لان رسول الله  صلى الله عليه وآله، إنما هو قمة الكمال الإنساني، ورمز كل فضيلة، وآية كل حسنة، وتجلٍّ لكل خير إذ يقول تعالى: «وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (سورة القلم/4) .. إنه حقا هدية الرب للبشرية جمعاء.. من هنا صارت كل حركاته وسكناته حجة على البشر، لأنها تعبير صريح عن تفاصيل الشريعة الربانية، وتبيان واضح لسنن الدين، ومرآة صافية للحكمة البالغة.. و قد اختاره الله جل جلاله قدوة وأسوة للبشرية، لما امتاز به صلى الله عليه وآله، من سمات وشمائل، إذ قال: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الأَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً". (سورة الأحزاب / 21 ).


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا المساجد هي المباني الوحيدة الناجية من تسونامي إندونيسيا؟

كيف تختبر محبة الله تعالى والأنس به في نفسك