ذلكم عيسى ابن مريم



 المسيح عيسى ابن مريم عليه وعليها السّلام.. ذلك الرجل الطيّب المبارك، والنبراسُ المشرق النيّر. المسيح.. كان منارَ هدايةٍ إلى طريق الحبّ والخير والفضيلة، ورسول السلام والوئام والإنسانيّة. وفي الوقت ذاته.. كان عليه السّلام ذلك العبد المتواضع، وقد عرّف نفسه قائلاً:
إنّي عبدالله، آتانيَ الكتابَ وجعَلَني نبيّاً * وجعَلَني مباركاً أين ما كنتُ، وأوصاني بالصلاةِ والزكاةِ ما دُمتُ حيّاً (1).
ووصَفَه أمير المؤمنين عليٌّ عليه السّلام فقال:
لقد كان يتوسّد الحَجَر، ويلبس الخَشِن، ويأكلُ الجَشْب. وكان أدامُه الجوع، وسِراجُه بالليل القمر، وظلالُه في الشتاء مشارقَ الأرض ومغاربها، وفاكهتُه وريحانه ما تُنِبت الأرضُ للبهائم،.. دابّتُه رِجْلاه، وخادمُه يداه (2).
هكذا كان عليه السلام في زهده وتواضعه، بالرغم من أنّ حياته تحفُّها الكرامات والمعجزات، وقد خاطبه الله تبارك وتعالى:
إذ قالَ اللهُ: يا عيسى ابنَ مريمَ آذكُرْ نعمتي عليكَ وعلى والدتِكَ إذ أيّدتُك بروح القُدُسِ تُكلِّم الناسَ في المَهْدِ وكَهْلاً، وإذ علّمتُك الكتابَ والحكمةَ والتوراةَ والإنجيلَ، وإذ تَخلُق مِن الطينِ كهيئةِ الطيرِ بإذْني، فتنفخُ فيها فتكونُ طيراً بإذْني، وتُبرئُ الأكمهَ والأبرصَ بإذْني، وإذ تُخرِجُ الموتى بإذني.. (3).
وقال عزّوجلّ يبيّن بعضَ ما مَنّ به عليه:
ويُعلِّمُه الكتابَ والحكمةَ والتوراةَ والإنجيلَ * ورسولاً إلى بني إسرائيلَ أنّي قد جئتُكُم بآيةٍ مِن ربِّكم أنّي أخلُقُ لكُم مِن الطينِ كهيئةِ الطيرِ فأنفخُ فيه فيكونُ طيراً بإذن اللهِ، وأُبرِئُ الأكمهَ والأبرصَ وأُحُيِي الموتى بإذنِ الله، وأُنبّئُكُم بما تأكلُون وما تَدّخِرونَ في بُيوتِكم، إنّ في ذلك لآيةً لَكُم إنْ كنتُم مؤمنين (4).
وقف عيسى ابن مريم عليهما السّلام يدعو إلى التوجّه نحو الباري جلّ وعلا، والعزوف عن التعلّق بالدنيا، ويذكّر بالمستقبل البعيد والمآب الذي لابدّ منه، والمصير الخطير.. إمّا إلى نعيم الأبد أو عذاب الأبد، فقال لهم:
« يا بني آدمَ آهربوا من الدنيا إلى الله، وأخرِجوا قلوبكم عنها؛ فإنّكم لا تصلحون لها ولا تصلح لكم، ولا تبقَون فيها ولا تبقى لكم، هيَ الخدّاعةُ الفجّاعة، المغرور مَنِ اغترّ بها، والمغبون مَن اطمأنّ إليها، فتوبوا إلى بارئكم، واتّقُوا ربَّكم. فكم تُوعَظون.. وكم تُزجَرون وأنتم لاهونَ ساهون ؟! أما تَسْتَحْيون ممّن خلَقَكم ؟! وقد أوعَدَ مَن عصاه النار، ولستم ممّن يَقوى على النار، ووعد مَن أطاعه الجنّةَ ومجاورتَه الفردوسَ الأعلى، فتنافسوا فيه وكونوا مِن أهله، وأنصِفُوا من أنفسكم، وتَعطّفُوا على ضُعفائكم وأهلِ الحاجة منكم، وتوبوا إلى الله توبةً نصوحاً » 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا المساجد هي المباني الوحيدة الناجية من تسونامي إندونيسيا؟

كيف تختبر محبة الله تعالى والأنس به في نفسك