أدقّ من الشَّعرة، وأحدّ من السيف
ما من شكّ أنّ التمسّك بالحقّ والالتزام بالموقف التوحيديّ الراسخ ـ بما يتطلّب من البراءة والرفض لكلّ مُطاع من دون الله، أفكاراً أم أشخاصاً أم أعمالاً ـ إنّما يشبه المشي في طريق ضيّق شديد الضِّيق، حادّ بارز الحدّة.. كأنّما هو نصلة سيف! وهذا يذكّر بالنصوص التي تنعت طريق الحقّ بأنّه محفوف بالمكارِه (18)، وبأنّ القابضين على دينهم كالقابضين على الجمر (19).
إلى جوار هذا.. فإنّ نهج الصراط التوحيديّ نفسه ـ بصرف النظر عن الظروف الخارجيّة ـ يتّسم بدقّة دقيقة ورهافة شديدة، لا يبلغ درجاتها العالية ومَراقيها الرفيعة إلاّ أهل الصدق وأهل الإصرار على مواصلة الطريق.
إنّ السعي الإنسانيّ على الصراط ينبغي أن يكون سعياً موسوماً بالإقبال والإخلاص. والسلوك فيه بغيرهما لا يكون إلاّ شكلاً ظاهريّاً لا يُغني في عالم الحقائق شيئاً. معنى هذا: أن السلوك الديني لابدّ أن يكون نابعاً من بصيرة، صادراً عن همّة عالية مقبلة على الله. مِن أجل هذا كان الإذعان لمظاهر الدين بسبب الإكراه ممّا لا جدوى فيه ولا نجاة معه. ومن أجل هذا كان لا إكراه في الدِّين بعدما تَبيّنَ الرُّشدُ من الغَيّ (20).
ومن هنا كان ظاهر الإيمان الذي يتستّر على غير الإيمان ـ وهو النفاق ـ ممّا لا خير فيه، بل هو وَبال على أهله وزيادة في الكفر.
موقع الامام الرضا عليه السلام
تعليقات
إرسال تعليق